
وكالة العرب..شامخ الناجي
حصدت المقاطع الطرقية في عموم البلاد خلال الأسابيع الماضية ارواح عشرات الأشخاص بسبب حوادث السير المميتة حيث شهدت البلاد في الساعات الأخيرة أربعة حوادث سير منفصلة أسفرت عن وفاة خمسة أشخاص على الأقل، وإصابة سبعة آخرين على الأقل بجروح متفاوتة، وفق ما نقلته منظمة "معاً للحد من حوادث السير".
وحسب المنظمة فقد أدى اصطدام شاحنة صهريج بسيارة مرسيدس 190 إلى وفاة أربعة أشخاص على الأقل، في واحد من أكثر الحوادث دموية خلال هذا اليوم، والذي وقع عند منعرج "تازيازت"، كما سُجل حادث آخر في قلب "الغين" في أزويرات، توفي فيه أحد عمال شركة "اسنيم"، وفي الطريق المؤدية إلى مدينة ولاته؛ تعرضت سيارة من نوع تويوتا هيليكس لحادث سير، أدى إلى إصابة سبعة أشخاص على الأقل بجروح متفاوتة، استدعى بعضهم تدخلاً طبياً عاجلاً، فيما أدى انقلاب شاحنة عند منعرج كامور إلى أضرار مادية وتلف جزء من البضاعة التي كانت على متنها، من دون تسجيل أي إصابات بشرية، مما اعاد إلى الواجهة الحديث عن جودة الطرق ومدى ملاءمتها للضوابط الفنية المتعارف عليها عالميا، فضلا عن الحديث المتزايد عن التأخر المستمر للأشغال في عدد من المحاور الطرقية قيد الإنجاز.
تأخر متواصل. تأخرت الأشغال في أغلب المحاور الطرقية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية أو الوزير الأول خلال السنوات الأربع المنصرمة، وخصوصا المعلن عنها خلال الهام 2022، رغم أن الشركات المتعهدة استلمت دفعات من ميزانية التمويل المرصودة لإنشاء الطرق المذكورة، وفق مصادر رسمية.
ومن بين المحاور المتأخرة محور آمرج- عدل بكرو الذي ينتظره السكان منذ أكثر سنتين، فيما لا يزال التعثر أيضا مسيطرا على الطريق الوطني تجكجة - سيلبابي. ومن بين الطرق التي انجزت مؤخرا بعد تأخر لأشهر المحولات الثلاثة في نواكشوط، أو ما يسمى " بالجسور، وتتكون من محول كارفور باماكو جنوب العاصمة، ومحول كارفور مدريد، ومحول طريق الحي الساكن.
وحسب مصادر حسنة الاطلاع فإن المحولات الثلاث بنيت على دراسة تم فيها تضخيم حركة السير وحجم الزحمة في الطرق الرئيسية في موريتانيا، وذلك لإقناع الرئيس الغزواني بضرورة إقامة الجسور المذكورة التي وصلت تكلفتها إلى ستة مليارات أوقية قديمة إضافة إلى الطرق التي تقرر إنشاؤها أو ترميمها توجد طرق أخرى باتت متهالكة بشكل كبير، ومن أهم هذه الطرق: طريق نواذيبو نواكشوط- بعض المقاطع- الذي أصبح أحد الطريق السريعة نحو الموت بسبب كثرة الحوادث التي تقع بسبب حفره الكثيرة، فضلا عن طريق روصو بوكي وقد أصبح مجموعة من الحفر الخطيرة التي تتسبب في كثير من حوادث السير المميتة، وطريق بومبري – كرمسين، ورغم حداثة إنشائه التي تعود لحوالي 8 سنوات تقريبا إلا انه تحول مؤخرا إلى حفر مميتة.
وتناغما مع هذه الوضعية تعيش الطرق الداخلية في: النعمة -روصو – كيهيدي- أطار- كيفة، امبود- كنكوصه تدهورا هائلا حيث تحول بعضها إلى طرق رملية متآكلة، كما لا تزال مدن عديدة من البلاد بدون طرق داخلية معبدة، كما هو حال مدينة ألاك، وكرو، وتمبدغة، وجيكني، آمرج- عدل بكرو- باسكنو- فصالة باستثناء مئات الأمتار المعبدة في بعض هذه المدن.
حلول مقترحة
يرى خبراء ومهندسو مستقلون أن قطاع الطرق في موريتانيا يحتاج إقامة وزارة خاصة بالطرق، وذلك لأسباب متعددة منها: حجم الشبكة الطرقية التي لم تنجز بعد والتي تزيد بأضعاف كثيرة على ما تم إنجازه لحد الآن، وحجم الميزانية المرصودة للطرق والتي تتجاوز حوالي 200 مليار أوقية قديمة، وكون العمل المتخصص بالطرق مستمرا وبشكل دائم بين إنشاء أو صيانة أو ترميم، أو على الأقل إنشاء وكالة خاصة بالطرق تتبع بشكل مباشر لرئاسة الجمهورية، وتتمتع باستقلال مادي، وقدرة على الإنجاز وفق الخبراء الذين يؤكدون أن استمرار إدارة الطرق من مديرية في وزارة يعني استمرار الترهل في العمل، وطول الانتظار في الإنجاز.
اتهامات بالفساد والوهمية
يتحدث خبراء في قطاع الطرق والإنشاءات في موريتانيا عن أموال هائلة يتم هدرها كل سنة، بسبب صفقات إنشاء الطرق، ويرى هؤلاء أن الصفقات الممنوحة لشركات أجنبية غالبا ما تؤول إلى مستثمرين محليين، لا يملكون قدرات فعالة على الإنجاز، كما توجد صفقات تم منحها لشركات ليست لها أدنى تجربة في إنشاء الطرق ولا في صيانتها، ومنها على سبيل المثال الشركة المكلفة بإنجاز محور- آمرج- عدل بكرو المتأخرة منذ فترة. ويلاحظ المراقبون أن الصفقات المتعلقة بالطرق غالبا ما تكون صفقات مليارية، يتربح فيها عدد من رجال الأعمال والنافذين والشخصيات الوهمية، وتمثل مناقصاتها مائدة دسمة لكبار النافذين.
توضيح رسمي
وزير التجهيز والنقل اعل ولد الفيرك اعلن في تصريحات قبل أسابيع أن قطاعه اتخذ قرارات حاسمة لتجاوز الإشكالات، وخاصة تلك المتعلقة بمكونة الطرق المتضمنة في البرنامج الاستعجالي لتنمية وعصرنة مدينة نواكشوط. تصريحات الوزير جاءت عقب زيارة ميدانية، الأحد، شملت عدة محاور طرقية قيد الإنجاز في ولايات نواكشوط الثلاث.
وبحسب الصفحة الرسمية لوزارة النقل فإن الوزير ولد الفيرك اكد في ختام زيارات منفصلة لمقاطع طرقية في مختلف مناطق البلاد على أنه "من غير المقبول بأي حال من الأحوال تأخير أشغال مشاريع البنى التحتية الطرقية عن الآجال المحددة سلفا، مع ضرورة التقيد التام بالمعايير الفنية المتفق عليها ضمن دفتر الإلتزامات".
