
محمد يحيي ولد العبقري
(جمال عبد الناصر –محمد أنور السادات- الشاذلي بن جديد ) رحمهم الله –لو كانوا معنا ما كان ما كان
أظهر طوفانُ الأقْصى وكشفَ المستورات :أممٌ عربية ومسلمة كانت وإلي عهدٍ قريبٍ منشغلة بهموم المسلمين من خلال هيئات ومنظمات وطنية ودولية تدَعي تقديم العون للمحتاجين ’لا تُفَرقُ بينهم وإن كانت تعطي الأولوية للمسلمين
عُقِدت فيه الكثير من المؤتمرات والندوات وتقول إنها تتكفل بآلاف بل ملايين الأيتام والعجزة عبر العالم بأغلفة مالية تتجاوز ملايين الدولارات و وحدات السحب الخاصة
كم هو عدد هذه المنظمات والمؤسسات المنتشرة في كافة بقاع الله وعلى أرضه ؟
وكم مؤتمرا أقاموا ’و كم قدموا من البرامج الطموحة التي لا تخطر علي بالٍ من زكاة وإطعام ونفقة ومداواة وعون ومواساة.
وإن شئتَ زِدْ عليهم دولَ عدم الانحياز والأمم المتحدة والصحة العالمية ومنظمات التربية والعلوم ومؤتمر العالم الإسلامي و الرابطة وحقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا والاتحاد الروسي والصين وجامعة الدول العربية :ذهب الكل ولم تغن الغلال .
وفيما يبدو لم تكن كل هذه الهيئات إلا عناوين لما ترمز إليه وأظهرت التجربة أنها تمتلك من الثرثرة والتطبيل الكثير لكنها وقت الامتحان لا تُرْزَقُ الفعلَ النبيلَ ويتقهقر العديد منها مع الضربة الأولي وتتلوه البقية بعد قليلِ زمن وقد تُضاعفُ السرعة فتسبقه للتطبيع .
أظهر طوفان الأقصى وبيَّن بما لا يدع مجالا للشكِ أن الإرادة والطموح دعامتان ما إن توفرتا تحصلُ المعجزات وإلا فكيف لمجاهدَيْن :السنوار ومحمد الضيْف وإخوانهم معهم أن يفكروا ويخططوا وينجحوا في هزيمة كيانٍ مسلَحٍ ومن ورائه أكبر قوةٍ في الأرض بل ومعه قوى الدّمارِ.
1967 دارت حربٌ بين إسرائيل والغرب من جهة والأمة العربية مجتمعة ومُخَطِطَة من جهة أخرى لكنها كانت خاطفة بل أقصر من خاطفة (ستة أيام )أقل من أيام الأسبوع و كان زمنا طويلا احتُلَتْ فيه سيناء ومرتفعات الجولان وذاقت الأمةُ مرارة الهزيمة عكسا لما نشَهدُ في غزة الأبية حيث فئة قليلة مؤمنة تصارع عالما بأكمله.
قام المجاهد السنوار بإلقاء قنابل يدوية علي المعتَدين الذين غنوه قابعا تحت الأرض بينماهو فوقها يقاتل ببسالة ومقدما أنموذجا لشجاعة القائد الذي بدل ان يكون في الوسط أو المؤخرة هو في المقدمة .
لقد تمثل آخرُ سلاحٍ يستعمله السنوار في العصا التي رماها في اتجاه المسيرة ما شكل درسا جديدا في الجهاد :العصا مقابل المسيرات !
لقد كانت رسالة وفتحا مبينا لإظهار أن الأمة إن أرادت النهوض والحرية يكون لها ما تريد بشرط العمل والمثابرة فلا لامعنيللتوق مع تشبيك الأيدي وانتظار شراء السلاح من وراء البحر .
ألا تجدون معي أن نجاح مجموعة قليلة محاصرة عن عمق ويعاديها إخوة الدم والجغرافيا فضلا عن العدو الأصلي الصهيوني هو بحق مُعجزة قد لا تتكرر وان وراء الأمر ما نعلمه .
ولقد علمنا السنوار والضيف أن الإرادة جوهرُ الدفاع بل هي أول ما يوضع في ميزان معركة البحث عن النبل والكرامة والحرية وهي أقوى من الصواريخ وعينات المدافع.
لم يكتف الفلسطينيون بما يردهم من أسلحة كمساعدة بل صنعوا بعبقريتهم الياسمين والشواغ وفاتح كما أنتجوا مسيرات من صنع محليٍ لقد خبروا أن الانتظار مضيعة للوقت وسفاهة ما فوقها سفاهة .
أليس من العجاب اسْتقدام عديد الصهاينة وحبسهم في أماكن لم يستطع العالم الغربي اكتشافها أزيد من عامين من التصنت والقصف في جغرافيا أقل من مساحة ولاية واحدة في بعض دولنا .
صحيح أن عاطفة الأحرار أيا كان مشربهم داعمة لفلسطين ولجهادها لكن العاطفة رغم أهميتها لا تكفي وقت البأساء بل لا بد من مد الغوث قدر المستطاع وفوقه وهو ما لم نلحظه مع الأسف في أمة تظن أنها حية وهي ميتة .
كان ولا يزال علي الدول العربية والإسلامية أن تدعم مباشرة الإخوة في فلسطين وأن يبدأوا في تصنيع الأسلحة المحلية تأسيا بأهلنا في فلسطين واليمن .
لكن بدل السعي فيه يقدم البعض المشورة للصهاينة ولآمريكاليدمروا ما تبقي من حماس ومن كافة الكتائب حيث يعتبرونهم عبْءً عليهم (يظهرون عليهم الشمس ).
ألم تشهدوا المعجزات اليومية متمثلة في صمود أهلنا في فلسطين رغم سوء الحال والجوع والدمار والموت الجماعي :ثلة قليلة تقاتل أقوي الجيوش ولوحدها تلحق بهم كل يوم خسائر تُبْكيهم .
لو وجدوا منَا العزمَ و الدعم ضاعفوا خسائرَ العدو آلاف المرات ولهزموهم بإذن الله لكن تقاعسنا بل والعمل الدنيء من البعض منا ضدهم أخْوَرَ الوضع.
فأين الإنسان؟ لقد صدق من قال إن الإنسان حيوان وأن العالم غابة وأستدركُ بأن غابة الحيوان أكثرُ عدلا من عالم الإنسان .
الإنسان حيوان مُفترسٌ خذوها عني ولا يخرج من الوصف إلا بِتَتَبُعِ الهدْي النبوي والصراط المستقيم القاضييْن بالدفاع عن العلياء ورفض الظلم من خلال مقارعة الظالمين بالوسائل المتاحة.
قلت في مقالٍ سابق إن الذي يلدُ لا يموت ومطلب الحرية يأخذ وقتا لكنه آتٍ لا محالة وأيا كانت الظروف .لا زلت عليه مُدعَما بالتاريخ.
لقد أقرَ الأعداء بشجاعة أهلنا في اليمن وغزة حتى قال اترامب إن أنصار الله قومٌ لديهم الشجاعة والعزم والبسالة وحيث أقام معهم اتفاقا مُتخليا عن حليفه الاسرائلي بعد ما حميَ وطيس الصواريخ وصار مهدِدا للبوارج .
الحاصل اليوم : جوع وتجويع عطش وتعطيش أمراض وأوبئة وقتل يومي بأعداد كبيرة خمسين وسبعين ...فأكثر...
أي ضرر يلحق الأمة إن ضربت عن الطعام لأيام : كل يوم جمعة مثلا ’أو يوم سبت أو الثلاثاء ؟
إن متابعتنا لنفس نمط العيش والأفراح وكأن شيأ لم يحصل أمرٌ عجابٌ وأعجَبَ منه أن أمة الغرب تقيم التظاهرات كل يوم ونحن في اضطجاع ننتظر هزيمة أهلنا لنكتبها في التاريخ ونتركها للأحفاد .
فيا أحرار العالم وخاصة الأمتين العربية والإسلامية :راجعوا أمركم واعملوا لغد أفضل وصنِّعوا سلاحكم بأيديكم كما يفعل الأتراك والإيرانيون وغيرهم لا تُبْقوا أنفسكم في وضع الانتظار ففيه الذُلُ والهوان .
ما أمرَّ العيش الهنيء إن صاحبَه جوعُ وعطشُ وتقتيلُ الإخوة وما أبعده عن ما جاء به محمدٌ صلوات الله وسلامه عليه .
المجاهدون أكبر درجة عند الله وعند الناس وعند العدو منَ الذين يعيشون الظلم لا يقدرون علي ردِ الاعتبار ولا يملكون رغبة الذودعن النفس يرون أنفسهم أعزةً وهم أصغر منه بكثير .
الشهداء اليوم في الجنة يُرزقون وأسماؤهم مخلدة في تاريخ الأمجاد نُسمي عليهم الشوارع والأحياء وسيبقون قدوة إلى يوم الدين أما نحن فرغم امتلاك عناصر القوة نظن البقاء سرمديا أزليا ولكن هيهات ...
