نازنين الجاف
مضى اسبوع على وجود طاقم السفينة الذين انشغلوا باصلاح الاعطال ولكن دون جدوى . فطلبت لقاء القبطان حتى نتحدث عن امور مهمة في حال طالت مدة بقائهم واردت من سليم ان يحضر لانه لم يكن يريدني ان أخوض اي نقاش مع الغرباء لانه كان غيورا جدا . وعندما اجتمعنا ابلغتهم انهم إذا كانوا يريدون المكوث هنا فيجب ان يدفعوا مقابل ذلك وفاوضتهم على كل الاشياء الموجودة على متن السفينة من الاسرة والمراتب والملابس وأدوات المطبخ والأكل على ان امنحهم قطعة ارض كبيرة ليبنوا عليها بيوتا بين الجبال وسوف يكون لديهم منظرا جميلا يمكننا استخدامها بعد رحيلهم لأشخاص جدد أو استئجارها كبيوت سياحية بما ان الجزيرة أصبحت معروفة والناس سوف يقومون بزيارتنا .
كان سليم ينظر الي اثناء حديثي كأنه يراني لأول مرة وكان فخورا بقيادتي وامساكي بزمام الأمور فقد أصبحت افكارنا قريبة من بعضها وكان يأخذ رأيي بكل صغيرة وكبيرة فيما يخص حياتنا اليومية . وفاجأني في احد الليالي حين قال لي ان لاتنامي سوف نذهب للصيد في الصباح الباكر وعندما طرق باب الكهف قبل الفجر بفترة لم اكن قد غفوت فخرجت ثم اخذ بيدي وركضنا حتى وصلنا إلى تلا يطل على بحيرة صغيرة فإذا بسرب من البجع البري الجميل كانوا يؤدون طقوسا غريبة ثم ظهر بينهم طائرا أبيضا انيقا كان ملكهم ومن الجهة الأخرى ظهرت واحدة أخرى وتبين انها الملكة وكان لونها ناصع البياض ومنقارها طويلا عاجيا يزيد جمالهما عنقهما الطويل حتى التقيا وأصبحا كانما طيراً واحدا فقد بدأ احدهما يلف رقبته حول الاخر وعيونها الصغيرة تزداد جمالا وتبقى يقضة حتى يغيب القمر ومع ظهور خيوط الفجر تسير وتسبح في الماء وترفرف بجناحيها العملاقتين وعندما يلحظ الذكر ذلك يهيم بحبها ويحاول ارضائها ثم يقترب منها كأنهما يرقصان رقصات التانجو مع ندى الصباح والصغار حولهما . كانوا يعكسون جمالا مميزا للمكان والمنظر كان كالحلم فقد كان يتفقد ويراقب هذه اللحظة منذ شهور حتى يفاجأني بهذا الصباح الجميل .
للوهلة الأولى منذ سنة احسست بحرارة يده ودقات قلبه السريعة واقتربت منه والتقت عيوننا ورأيت الغموض والشوق والحنين داخله لانه احيا روحي واشتعل في قلبي حبا جارفا استغرق الأمر لحظات حتى اشتبكت أحلام اليقضة مع الواقع وتأكدت أنني لم أقابل في حياتي احدا اقرب إلى نفسي منه ويبدو لي اني عشت هذه اللحظات الجميلة في ماض بعيد او كنت اريد ان أعيشها ولم أشعر إلا بإيقاع هادئ بداخلي كان ينظم نبضات قلبي ثم التفت الي وضمني بين ذراعيه القويتان وهمس في أذني ووعدني بانه لن يخذلني أبدا ولن يفرقنا بعد الآن غير الموت . ثم بدأت دموعي تنهمر من شدة الفرح عندما قال لي يجب ان تصبحي ملكة الجزيرة وسوف ابني لك قصرا من الأحجار النادرة الموجودة في الكهف ثم تركنا كل شيء وراءنا واتجهنا نحو البقية ومازال معصمه حول عنقي . مشينا كثيرا وفي كل خطوة كان يمسكني بقوة اكثر وعندما وصلنا الكل فرحوا برؤيتنا سالمين لانهم كانوا يبحثون عنا خائفين علينا خشية ان يكون أصابنا مكروه وهكذا جمع شملنا وقررنا ان نعيش أجمل الأيام على هذه الجزيرة . كأننا في حلم .
